كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَأَخَذَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ كَوْنِ الْحُكْمِ الْإِلْزَامَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ فِي نَفْسِهِ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِنَقْضٍ مُخَالِفٍ لَهُ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ ذَلِكَ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَشْهَدَ بِهِ قَبْلَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ لَمْ يُعْتَدَّ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ وَإِلَّا اُعْتُدَّ بِهِ، وَإِذَا عُدِّلَتْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي كَمَا تَقَرَّرَ فَإِذَا طَلَبَهُ قَالَ لِخَصْمِهِ: أَلَك دَافِعٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَوْ قَادِحٌ؟، فَإِنْ قَالَ: لَا، أَوْ، نَعَمْ وَلَمْ يُثْبِتْهُ حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا رِيبَةً لَمْ يَجِدْ لَهَا مُسْتَنَدًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَوْلُهُ: ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا، أَوْ صَحَّ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى الدَّعْوَى أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّابِتُ الْحَقَّ أَمْ سَبَبَهُ خِلَافًا لِمَا أَخْتَارهُ السُّبْكِيُّ لِانْتِفَاءِ الْإِلْزَامِ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتهَا وَيَجْرِي فِي الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ تَسْجِيلِ الْفِسْقِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَإِلَّا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَالْأَوْجَهُ الْجَوَازُ، فَإِنْ حَكَمَ بِالثُّبُوتِ كَانَ حُكْمًا بِتَعْدِيلِهَا وَسَمَاعِهَا فَلَا يَحْتَاجُ حَاكِمٌ آخَرُ إلَى النَّظَرِ فِيهَا كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الثُّبُوتَ بِلَا حُكْمٍ لَا يُحَصِّلُ ذَلِكَ، لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ بَلْ صَرِيحُهُ خِلَافُهُ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا: الثُّبُوتُ لَيْسَ حُكْمًا بِالثَّابِتِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ بِتَعْدِيلِ الْبَيِّنَةِ وَقَبُولِهَا وَجَرَيَانِ مَا شَهِدَتْ بِهِ، وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِيهَا انْتَهَتْ.
قَالَ: وَفِيمَا إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ كَثَبَتْ عِنْدِي وَقْفُ هَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ هُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا، لَكِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الشَّاهِدِ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ ثُبُوتِ سَبَبِهِ كَوَقَفَ فُلَانٌ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى نَظَرٍ آخَرَ، وَمِنْ ثَمَّ يَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي شُرُوطِهِ، وَقَالَ أَيْضًا: وَالتَّنْفِيذُ بِشَرْطِهِ إلَّا مَا غَلَبَ فِي زَمَنِنَا حُكْمٌ وَفَائِدَتُهُ التَّأْكِيدُ لِلْحُكْمِ قَبْلَهُ.
وَيَجُوزُ تَنْفِيذُ الْحُكْمِ فِي الْبَلَدِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ دَعْوَى، وَلَا حَلِفٍ فِي نَحْوِ غَائِبٍ، بِخِلَافِ تَنْفِيذِ الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ فِيهَا، فَإِنْ فِيهِ خِلَافًا، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ حُكْمًا مِنْ الْمُنَفِّذِ إلَّا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحُكْمِ عِنْدَهُ، وَإِلَّا كَانَ إثْبَاتًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ.
وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ، وَالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ لِلسُّبْكِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ، وَقَدْ جَمَعْته كُلَّهُ، وَمَا فِيهِ مِنْ نَقْدٍ، وَرَدٍّ وَزِيَادَةٍ فِي كِتَابِي الْمُسْتَوْعَبِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ، وَالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ بِمَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فَاطْلُبْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.
وَمِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَنَاوَلُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ، وَالتَّابِعَةَ لَهَا بِخِلَافِهِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَةَ فَقَطْ فَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِ الْهِبَةِ لِلْفَرْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِمَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ لِشُمُولِ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ لِلْحُكْمِ بِجَوَازِهِ أَوْ بِصِحَّتِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ لَمْ يَمْنَعْ الشَّافِعِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، أَوْ بِمُوجَبِهِ مَنَعَهُ، أَوْ مَالِكِيٌّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ الشَّافِعِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ مَثَلًا، أَوْ بِمُوجَبِهِ مَنَعَهُ وَمَنَعَ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْفَسْخِ بِهِ؛ لِاسْتِلْزَامِهِ نَقْضَ حُكْمِ الْحَاكِمِ مَعَ نُفُوذِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا يَأْتِي.
وَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِ إقْرَارٍ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ مَنَعَ الْحَنَفِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِعَدَمِ قَبُولِ دَعْوَى السَّهْوِ؛ لِأَنَّ مُوجَبَهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَكَمْت بِكُلِّ مُقْتَضًى مِنْ مُقْتَضَيَاته، وَمِنْهَا سَمَاعُ دَعْوَى السَّهْوِ، أَوْ بِمُوجَبِ بَيْعٍ فَبَانَ أَنَّ الْبَائِعَ وَقَفَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ عَلَى نَفْسِهِ فَضَمِنَ حُكْمُهُ إلْغَاءَ الْوَقْفِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ.
وَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْ الْحَنَفِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فِي الْمَبِيعِ، أَوْ بِمُوجَبِهِ مَنَعَهُ أَوْ مَالِكِيٌّ بِصِحَّةِ قَرْضٍ لَمْ يَمْنَعَ الشَّافِعِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِجَوَازِ رُجُوعِ الْمُقْرِضِ فِي عَيْنِهِ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً بِيَدِ الْمُقْتَرِضِ، أَوْ بِمُوجَبِهِ مَنَعَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِمَا ذُكِرَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فِي الْكُلِّ لَا يُنَافِيهِ بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ فِيهِ نَقْضٌ لَهُ بِخِلَافِهِ بِالْمُوجَبِ وَلِهَذَا آثَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِمِلْكِ الْعَاقِدِ مَثَلًا، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهَا إلَّا بِحُجَّةٍ تُفِيدُ الْمِلْكَ، بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ.
وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ وَهَبَ آخَرَ شِقْصًا مَشَاعًا فَبَاعَهُ الْمُتَّهَبُ فَرَفَعَهُ الْوَاهِبُ لِحَنَفِيٍّ فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ فَرَفَعَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ لِشَافِعِيٍّ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ نَفَذَ وَامْتَنَعَ عَلَى الْحَنَفِيِّ إلْزَامُ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ أَيْ: لِأَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ قَضِيَّةٌ أُخْرَى لَمْ يَشْمَلْهَا حُكْمُ الْحَنَفِيِّ الْأَوَّلُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْضُ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ اسْتَنَدَ لِحُجَّةٍ بِالْمِلْكِ، أَوْ لَا؟ حَمَلْنَا حُكْمَهُ عَلَى الِاسْتِنَادِ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، نَعَمْ لَوْ قِيلَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي قَاضٍ مَوْثُوقٍ بِدِينِهِ وَعِلْمِهِ لَمْ يَبْعُدْ.
وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ حُكْمٍ أُجْمِلَ وَلَمْ يُعْلَمْ اسْتِيفَاؤُهُ لِشُرُوطِهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا مِمَّنْ ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت مَا قَدَّمْته قَبْلَ الْعَارِيَّةِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
مِنْ الْمُشْكِلِ حِكَايَةُ الرَّافِعِيِّ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُلْزِمَ الْقَاضِي الْمَيِّتَ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ فِي حَيَاتِهِ؟؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجِبُ إخْرَاجُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا وَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا إذَا اُدُّعِيَ عَلَى رَجُلٍ فَأَقَرَّ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ أَوْ يُحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ دَعْوَى عَلَى الْوَارِثِ قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ جِهَةِ لَفْظِ الْمُوجَبِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّابِتُ الْحَقَّ أَمْ سَبَبَهُ) سَتَعْلَمُ مِثَالَهُمَا آنِفًا.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا اخْتَارَ السُّبْكِيُّ) عِبَارَتُهُ فِي الْكِتَابِ الْمُشَارِ إلَيْهِ: وَلِهَذَا اخْتَارَ السُّبْكِيُّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ الْحَقُّ، أَوْ السَّبَبُ فَإِنْ ثَبَتَ سَبَبُهُ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ، وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْحُكْمِ. اهـ.
بِاخْتِصَارِ التَّمْثِيلِ، وَالدَّلِيلِ.
وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ السُّبْكِيَّ لَمْ يُخَالِفْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ جَعَلَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ هُنَا فِي مَعْنَى الْحُكْمِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: ثَبَتَ عِنْدِي إلَخْ لَيْسَ بِحُكْمٍ، بَلْ بِمَعْنَى سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ ثُبُوتٌ مُجَرَّدٌ أَيْ وَيَجْرِي الثُّبُوتُ الْمُجَرَّدُ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا: وَيَجْرِي فِي الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ) قَالَ فِي كِتَابِهِ الْآتِي ذِكْرُهُ: قَالَ أَيْ: السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَالثُّبُوتُ الْمُجَرَّدُ جَائِزٌ فِي الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ فَإِذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ إبْطَالَ عَقْدٍ فَلَابُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِهِ وَمَعْنَى الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ صِدْقُ الْمُدَّعِي. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ تَسْجِيلِ الْفِسْقِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسْجِيلِ بِالْفِسْقِ إثْبَاتُهُ وَضَبْطُهُ لَا الْمَعْنَى الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ: وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ إلَخْ؛ إذْ لَا حُكْمَ، وَلَا تَنْفِيذَ، بَلْ ثُبُوتٌ مُجَرَّدٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ: مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ التَّسْجِيلُ بِالْفِسْقِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ بِالتَّوْبَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: وَلَعَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا عِنْدَهَا كَإِبْطَالِ نَظَرِهِ فَيُتَّجَهُ الْجَوَازُ، وَالتَّوْبَةُ إنَّمَا تَمْنَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِيهَا) عِبَارَتُهُ فِي كِتَابِهِ الْآتِي إشَارَتُهُ إلَيْهِ وَفَائِدَةُ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَدَمُ احْتِيَاجِ حَاكِمٍ آخَرَ إلَى النَّظَرِ فِي الْبَيِّنَةِ، وَحُكْمُهُ جَوَازُ نَقْلِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، ثُمَّ قَالَ عَنْ السُّبْكِيّ: وَنَقْلُ الثُّبُوتِ فِي الْبَلَدِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي فِي الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ الْحَقَّ الْقَطْعُ بِجَوَازِ النَّقْلِ وَتَخْصِيصِ مَحِلِّ الْخِلَافِ بِالْأَوَّلِ أَيْ: وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الثَّابِتُ السَّبَبَ، وَالْأَوْلَى فِيهِ الْجَوَازُ أَيْضًا وِفَاقًا لِلْإِمَامِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِمَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ) أَيْ: فَرُجُوعُ الْأَصْلِ مِنْ الْآثَارِ التَّابِعَةِ فَيَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ دُونَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ بِخِلَافِ مِلْكِ ذَلِكَ الْمَوْهُوبِ الْخَاصِّ فَإِنَّهُ مِنْ الْآثَارِ الْمَوْجُودَةِ فَيَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِمُوجَبِ بَيْعٍ) اُنْظُرْ الْحُكْمَ هُنَا بِالصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَشْمَلْهَا إلَخْ) لَعَلَّ مِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ بُطْلَانَ الْهِبَةِ السَّابِقَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ لِجَوَازِ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى مُسَوِّغٍ لَهُ آخَرَ غَيْرِ الْهِبَةِ السَّابِقَةِ لِتَمَلُّكٍ آخَرَ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ اسْتَنَدَ لِحُجَّةٍ؟) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قِيلَ بِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي قَاضٍ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر وَقَوْلُهُ يَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ حُكْمٍ أُجْمِلَ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الدَّعْوَى فِيهِ لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ كَذَا رَأَيْت بِهَامِشِ أَصْلِهِ بِخَطٍّ يُشْبِهُ خَطَّ تِلْمِيذِهِ وَشَيْخِنَا الْجَمَالِ الزَّمْزَمِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِلْأَخْذِ حَالًّا لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا لِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ، وَالتَّسْجِيلِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ: فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ، أَوْ يَمِينِهِ فِي صُورَةِ النُّكُولِ، أَوْ عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إجَابَتُهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَخَذَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَامْتِنَاعِهِ إلَى وَصِيغَةُ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ الْإِشْهَادِ، وَالْحُكْمِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَسَأَلَ الْإِشْهَادَ) أَيْ بِإِحْلَافِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: لُزُومُ الْإِجَابَةِ.
(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نِسْيَانِ الْقَاضِي) أَيْ: كَعَدَمِ جَوَازِ قَضَائِهِ بِعِلْمِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَانْعِزَالِهِ) أَيْ: فَعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ.
(قَوْلُهُ: الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ) أَيْ: إشْهَادَ الْقَاضِي عَلَى نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إلَخْ) أَيْ: الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ مِنْهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ) أَيْ: قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ الْمُدَّعِي نَعَمْ إنْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ وَهُوَ وَلِيُّهُ فَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْجَزْمُ بِأَنْ لَا يَتَوَقَّفَ عَلَى سُؤَالِ أَحَدٍ مُغْنِي وَأَسْنَى.
(قَوْلُهُ: كَامْتِنَاعِهِ) أَيْ: الْحُكْمِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَفَّذْت الْحُكْمَ بِهِ إلَخْ)، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَأَمْضَيْتُهُ، أَوْ أَجَزْته. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إذَا حَكَمَ فِي نَفْسِهِ) أَيْ: بِلَا حَضْرَةِ شُهُودٍ فِيمَا يَظْهَرُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: كَلَامُ الشَّارِحِ كَالصَّرِيحِ بَلْ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّلَفُّظِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا مَا نَصُّهُ فَالشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ مُوَافِقٌ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَأْثِيرِ الْحُكْمِ النَّفْسَانِيِّ فِي رَفْعِهِ الْخِلَافَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نُظِرَ فِي كَلَامِهِ مِنْ جِهَةِ قَبُولِ قَوْلِ الْقَاضِي: حَكَمْت فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ. اهـ.